المتوسطة الرابعة عشر بجدة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المتوسطة الرابعة عشر بجدة

منتدى المتوسطة الرابعة عشر بجدة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
facebook
like
المواضيع الأخيرة
» كن انت مهما تغير الزمن
...أستاذ... Emptyالأحد أكتوبر 13, 2013 8:28 am من طرف أميرة الذوق

» قصيدة لجميع سو القران
...أستاذ... Emptyالأحد أكتوبر 13, 2013 8:25 am من طرف أميرة الذوق

» طريقة حفظ القران الكريم في وقت قصير وطويل الامد
...أستاذ... Emptyالسبت أكتوبر 12, 2013 11:58 pm من طرف أميرة الذوق

» تفسير سورة الفلق
...أستاذ... Emptyالسبت أكتوبر 12, 2013 11:35 pm من طرف أميرة الذوق

» كم عدد سور وايات وكلمات وحروف القران الكريم
...أستاذ... Emptyالسبت أكتوبر 12, 2013 11:29 pm من طرف أميرة الذوق

» تحسين القراءة للمبتدئين في اللغة الانجليزية
...أستاذ... Emptyالسبت أكتوبر 12, 2013 11:18 pm من طرف أميرة الذوق

» الامبراطور والسجين
...أستاذ... Emptyالجمعة أكتوبر 11, 2013 9:46 am من طرف أميرة الذوق

» قصة الطفل ومصنع البصل
...أستاذ... Emptyالجمعة أكتوبر 11, 2013 9:36 am من طرف أميرة الذوق

» قصة واقعية حدثت في لندن
...أستاذ... Emptyالجمعة أكتوبر 11, 2013 9:16 am من طرف أميرة الذوق

المواضيع الأكثر شعبية
كلام جميل يخسر من لم يقرأه ...
قصة قصيرة عن الصداقة<<< قد تعني شيء للبعض
من أجمل ما قرأت عن الرسول الكريم محمد صلّ الله عليه و ســـــلم
صدى الوئام _ خريجة الرابعة عشر
حملة شكر معلمات المملكة العربية السعودية
عندما يتجاهلك شخص ما
إلى معلمات الرابعة عشر
كيف تجذب الناس كالمغناطيس؟!- ليل لاوندس
مسرحية ياسر الشمري كتابة حامد الضبعان شقتنا ترفيه
صناعة القائد

 

 ...أستاذ...

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صدى الوئام
Admin
صدى الوئام


عدد المساهمات : 132
نقاط : 306
تاريخ التسجيل : 30/07/2009
الموقع : http://alweam.wordpress.com/

...أستاذ... Empty
مُساهمةموضوع: ...أستاذ...   ...أستاذ... Emptyالسبت ديسمبر 24, 2011 4:54 am


لما بلغنا قرية صاريتا كان الصبح يتنفس ، فطرقنا أول باب لقيناه ، فلما فتح لنا واحتوانا المنزل المعد للضيفان سقطنا من الكلال والإعياء كالقتلى ، فلم نلبث أن غرقنا في لجة الكرى .ولا عجب أن يبلغ منا التعب هذا المبلغ وقد سرنا الليل كله على الأقدام ، نصعد جبلا ثم نهبط واديا ثم نتسلق الصخر، حتى أدركنا هذه القرية التي فرت من العمران وتغلغلت في الأودية المقفرة من لبنان الشرقي، حتى وجدت هذه الذروة التي لا يضارعها شيء في عزلتها وعلوها وضياعها بين الأرض والسماء فاستقرت عليها .
ولما أفقنا ورأينا احتفاء القوم بنا وعجبهم من سرانا إليهم وقدومنا عليهم ، سألناهم وضربنا معهم في شعاب الأحاديث ، فعلمنا أنه لم ينزل بلدهم (أعني لم يصعد إليها ..) غريب عنها قبلنا . وكانوا يكلموننا على تخوف وحذر، فلما انتسبنا إليهم وعرفناهم بنفوسنا داخلهم شيء من الاطمئنان ، غير أنهم لم يكونوا يجيبون على أسئلتنا وإنما يحيلونها على الأستاذ (نحن فلاحون لا نفهم عنكم ، ولكن إذا جاء الأستاذ..) ورأيتهم يذكرون الأستاذ كما تذكر الرعية الملك المحبوب ؛ تبرق عيونهم حباً وتخشع أصواتهم احتراماً ، فكنت أعجب أن يكون لمعلم القرية (وهو –لعمري – أستاذهم ) مثل هذه المنزلة وعهدنا بمعلمي القرى أن الجندي أكبر في عيون الفلاحين منهم ، وقلت: ألا تدعون هذا الأستاذ المحترم حتى نراه؟
فلما سمعوا هذه الكلمة اضطربوا وتلفتوا يتبادلون النظرات ، وعراهم مثل ما يعرو المؤمنين سمعوا كلمة الكفر. وكانت سكتة طالت ، فأعدت السؤال ، فقال صاحب المنزل وهو يبذل أكبر الجهد حتى يمسك غضبه فلا يؤذي ضيفه: إن الأستاذ يزار ولا يزور . فلما سمعت لك اطمأننت وقلت : لا بأس؛ إنا نتشرف بزيارته ، ولو علمت عادته ما سألتكم دعوته ، فقوموا بنا إليه.
فقامواوقد سري عنهم بعض الذي وجدوا . ومشينا نصعد في طرقات القرية الضيقة الملتوية ، وأنا أتصور هذا الأستاذ بعين الوهم فلا أراه إلا مثل من عرفت من معلمي الصبيان ، غير أن له -فيما يبدو- دهاء ومكرا مخرق بهما على الفلاحين وموه عليهم حتى حسبوه شيئا وما هو بشيء.
حتى إذا بلغنا ذروة الجبل وجدنا عليه بيتا هو أعلى بيت في القرية والعين أسفل منه وحوله حديقة لطيفة . فدخلنا البيت فإذا فيه فرش نظيف وأثاث من أثاث المدن ، وخزانة كتب بالقرب منها مكتب صغير عليه أوراق وأقلام وكتاب مفتوح عرفت -من نظرة واحدة – أنه الإحياء للغزالي ، فلا والله ما أظن أني عجبت من شيء عجبي منه . ولبثنا هنيهة ، ثم دخل علينا شيخ أبيض اللحية قد وضع على كتفيه عباءة ستر بها ثوبا من ثياب التفضل أبيض نظيفا ، فرحب بنا بلهجة فصيحة وانطلق يحدثنا . أما الفلاحون فقد جلسوا عند الباب لم يقتربوا من الشيخ إجلالا له ، وسكنوا كأن على رؤوسهم الطير.
كان الشيخ يتكلم وكنت أحد النظر إليه وأكد ذهني لأذكر أين رأيت هذا الوجه ، فلما طال ذلك مني ولحظه
قال : مالك يا بني؟
قلت: أظن أني أعرفك يا سيدي .
فضحك وقال: وأنا أعرفك يا بني ، أما كنت في المدرسة التجارية سنة 1918؟
فتأملته ورأيت كأني رجعت طفلا أنظر من وراء ثلاث وعشرين سنة إلى أستاذي الجليل عبد الواسع، فلم أملك أن صحت : أستاذي ! ووقعت على يديه أقبلهما ، وأقبل يمسح على ظهري ويقبل جبيني وقد استعبر كل من حضر.

أستاذي الذي ترك المدرسة وانقطعت أخباره عنا وحسبناه مات ، لايزال حيا؟ويقيم في قرية صاريتا الضائعة بين السماء والأرض ؟!! إن هذا لعجب .

قلت وقد سكن المجلس بعد أن حركته هذه المفاجأةالغريبة: وكيف عرفتني ياسيدي الأستاذ ، وقد غيرتني الأيام؟
قال: ما تغيرت علي، ولقد ذكرتك من أول نظرة. ألم تكن في الصف الخامس حينما انتهت الحرب وخرج الأتراك من الشام ليدخلها الشريف؟ ألم تكن في المقعد الأول حيال الشباك وإلى جانبك سرّي؟ أين هو سرّي الآن ؟
قلت: لا أدري ياسيدي ، ولم ألقه أبدا بعد تلك السنة .
قال الشيخ مترفقا ناصحا بلهجته التي كان يخاطبني فيها وأنا صغير(لم أنسها)،
قال: ولم يابنيّ؟ لماذا لاتصل إخوان المدرسة ؟ أما علمتك الحياة أن صداقة المدرسة خير صداقة وأمتنها ؟ أصلحك الله يا ولدي.
وأطرق الشيخ يفكر، ثم قال: هل علمت –ياولدي- أن المعلم يتمنى أن لايكبرتلاميذه أبدا ، وأنه لا يتصورهم إلا كما عرفهم أول مرة ولو صاروا رجالا ؟ أنا لا أرى فيك الآن إلا ذاك الصبي الذي كان في المقعد الأول حيال الشباك ، فقدر المحنة التي يصاب بها المعلم حين يرأسه أحد تلاميذه. أتعرف عدنان؟
قلت:ومن عدنان ؟
قال: لا. لم يكن معكم؛ هوأصغر منكم . عدنان هذا كان من أصغر تلاميذي وأحبهم إلي. لقد جعلته الأيام ناظر المدرسة التي كنت أنا فيها ، فتصوره وهو يدعوني إليه ويستقبلني قاعدا ويأمرني بأمره ، ولقد نالني بسوء مرة لأني لم أوفه مايراه حقه من الاحترام . وكيف أحترمه –ياولدي- وأنالا أقدر إلا أن أرى على كرسيه إلا عدنان الطفل ذا الشعر الأشقر؟ كيف أحترمه؟ أأحترم ولدي؟ سامحه الله. سامحه الله ، لقد آلمني وآذاني. إن المعلم يحس بوخزة في صدره إذا أعرض عنه تلاميذه أو أنكروه أو ترفعوا عليه . لايعلم المسكين أن الطفل لايبقى أبد الدهر طفلا..لا ، لايتخيل ذلك أبدا .
وسكت الشيخ قليلا ثم رجع يقول: وكنت ترفع أصبعك دائما ، أرأيت؟ إني لم أنسك. وكيف ينسى المعلم تلاميذه وهم بعض ذكرياته ، والذكريات هي الحياة ؟
ثم سألني : وماذا تشتغل أنت الآن ؟
فضحكت وقلت:معلم.
قال: آه ، مسكين! لماذا اخترت هذه المهنة ياولدي ؟
قلت: إني سأتركها عما قريب يا سيدي ؛ لقد دخلت القضاء.
قال: وتظن أنك تستطيع؟ إن تلاميذي الذين أحببتهم ومنحتهم قلبي قد أنكروني .. لم أعد أخطر لهم على بال . لم يزرني منهم أحد . لقد رأيت منهم ألوان الجحود ، ولكني لا أزال أحبهم وأتمنى لو أستطيع أن أضمهم إلى صدري. آه ، كم يتألم الأب إذا رأى ولده يعرض عنه وينكره ويمر كأنه لايعرفه ! لم ألق منهم خيرا ،ومع ذلك فأنا أحب أن أنشئ غيرهم ، وأن أصب البقية الباقية من روحي وحياتي في نفوس أطفال جدد ، أعلم أنهم لن يكونوا خيرا من أولئك ، ولكن هذه هي آفة المهنة . إنها مهنة ليس فيها إلا الألم ، ولكن صاحبه يستمرئه ويجزع لفقده ، كصاحب الكوكائين يأخذه وهو يأخذ حياته ، فإذا افتقده حن إليه . أليس هذا من الغرائب؟
إني أمر على مدرسة القرية ، فأسمع الطلاب يرددون درسا أو يتلون أنشودة ، فيخفق قلبي في صدري وأحسد هذا المعلم الذي أخذ مني أولادي .
لا تعجب يا ولدي . سل الفلاح الذي يشق الأرض ويغرس فيها البذر وينتظر النبتة الضعيفة .. فإذا ظهرت تعهدها بالسقي والعناية وقاس طولها يوما بعد يوم ، فلا تنمو أنملة إلا وضع في هذه الأنملة أمله ورجاءه وخوفه وإشفاقه وأحاطها بعواطفه وصب فيها من ماء حياته ، حتى إذا نما النبت واستطال وظللته غصون وتدلى من حوله زهره وأينع ثمره اضطر إلى بيعه ، فما هي إلا عشية أو ضحاها حتى يراه في يد غير يده . سله كم يتألم ويشقى ويتقطع القلب منه حسرات كلما نظر إلى هذه الأشجار ، وذكر ماله فيها من ذِكَر وما أنفق عليها من أصباحه وأماسيه ومن حبه وأماني نفسه .. وإنها لأشجار ؛ جمادات لا تعقل، فكيف بي وقد ربيت بشرا ثم أعرضوا عني ونسوا حبي وعواطفي ...وما نسيتهم ولا أقلعت عن حبهم ؟
وما كان لي ياولدي أن أزعجك بحديثي لولا أني أنفس به عن نفسي . إنني أعيش وحيدا في هذه القرية المعتزلة لا أدري كيف أزجي الباقي من أيام حياتي . إنني أشكو الملل ولا أطيق النوم ، فلا أجد إلا النجم أراقبه وذكرياتي أناجيها ، وكثيرا ما تثقل علي هذه الذكريات حتى لأضل قلبي بين حاضر لا متعة فيه وماض لا رجعة له .
لا يا ولدي لاتحرص على هذه المهنة ؛ اتركها إن استطعت فهي محنة لا مهنة ، هي ممات بطيء لا حياة .
إن المعلم هو الشهيد المجهول الذي يعيش ويموت ولايدري به أحد ولايذكره الناس إلا ليضحكوا من نوادره وحماقاته.
و
عدنا من العشية نسلك تلك الأودية ونتخطى تلك الصخور عائدين من صاريتا ، ولا يزال حديث أستاذي يدور في أذني فأحس به في هذه البرية الساكنة قويا مجلجلا ، ولكن الناس لا يسمعونه ، وإن هم سمعوه لم يحبوا أن يفهموه.


بقلم:فضيلة الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله
من كتاب قصص من الحياة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://14school.ahlamontada.com
 
...أستاذ...
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المتوسطة الرابعة عشر بجدة :: المنتديات :: منتدى القصص والحكايات-
انتقل الى: